top of page

المواطنة الرقمية

المواطنة الرقمية: هي مجموع القواعد والضوابط والمعايير والأعراف والأفكار والمبادئ المتبعة في الاستخدام الأمثل والقويم للتكنولوجيا، والتي يحتاجها المواطنون صغارا وكبارا من أجل المساهمة في رقي الوطن. المواطنة الرقمية باختصار هي توجيه وحماية، توجيه نحو منافع التقنيات الحديثة، وحماية من أخطارها. أو باختصار أكبر هي التعامل الذكي مع التكنولوجيا.

إن التطور الكبير الذي يشهده العالم من الناحية الرقمية والتكنولوجية أدى إلى ثورة تقنية حقيقية، فقد أصبحت التقنية من أساسيات الحياة كما بات التعايش معها ضرورة وحاجة ملحة لا غنى عنها. و أنتج هذا التطور جيلا نشأ وتربى على هذه التقنيات وهم ما نسميهم بالمواطنين الرقميين، كما صاغ مارك برينسكي Marc Prensky وهو خبير تقنية أمريكي مصطلح (المواطن الرقمي) كونه ولد في العصر الرقمي و تعايش مع هذه التقنيات منذ طفولته فأصبحت جزءا رئيسا من حياته.
أما مستخدمو التقنية الذين تبنوا العديد من الجوانب التكنولوجية، فقد نسميهم المهاجرين الرقمين بالرغم من إتقانهم لها، لكنهم كمن يتعلمون لغة جديدة في مرحلة متأخرة من حياتهم. وبما أن المواطنين الرقميين هم من فئة الشباب والمراهقين ومعظمهم من الطلبة نجد أن التقنية تجذب انتباههم و تثير اهتمامهم ولهذا فهم الأكثر تمسكاً وتعلقاً بها.
وهناك نماذج كثيرة لسوء الاستخدام والاستغلال المتعلق بالتكنولوجيا سواء كانت في البيت أو المدرسة أو المجتمع بشكل عام، وفي ضوء هذه الاستخدامات السيئة تبرز الحاجة إلى تحديد الممارسات الملائمة وغير الملائمة، و وضع مبادئ وأسس صريحة و واضحة عند استخدام هذه التقنيات الرقمية لوجود عدد كبير من التحديات التي تواجه المواطنين الرقميين.

فالسؤال هنا ما هي المواطنة الرقمية- Digital Citizenship؟ ولماذا نحتاجها؟

تعرفها (Literacy with ICT ، 2009) بأنها الاستخدام المسؤول والأخلاقي والآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من جانب الطلاب كأعضاء في المجتمع ومواطنين في المجتمع العالمي.
ويعرفها (Ribble،2017) أنها معايير الاستخدام الملائم للتكنولوجيا المسؤولة وهي طريقة تُعد الطلاب لاستخدام أمثل للتكنولوجيا.

ومن الممكن وصف المواطنة الرقمية بأنها المعايير والأعراف المتبعة في السلوك الملائم والمسؤول فيما يتعلق باستخدام التكنولوجيا بطريقة مثلى، فهي بمثابة الوسيلة لإعداد جيل يستخدم التكنولوجيا بالشكل السليم والصحيح.

إن نشر ثقافة المواطنة الرقمية أصبح ضرورة ملحة نتيجة لتزايد مستخدمي التقنية يوماً بعد يوم، فأصبحت التقنية من الأولويات كما تحولت حياتنا إلى حياة رقمية. وبسبب هذا التحول الرقمي في كافة ميادين الحياة تزداد الحاجة لتعزيز المواطنة الرقمية سواء كانت للمواطنين أو المهاجرين الرقميين في ظل انتشار سلوكيات غير ملائمة كالجرائم الإلكترونية بمختلف أنواعها مثل: انتشار المواقع الإباحية، جرائم التهديد والتحرش والابتزاز الإلكتروني، والتشهير الإلكتروني و يشمل السب والشتم, انتحال الشخصية، الاحتيال المالي، اختراق المواقع وسرقة البيانات، التطرف والإرهاب، الاستغلال الجنسي للقاصرين.

ماهي محاور المواطنة الرقمية؟ وكيف من الممكن تعليمها؟

للمواطنة الرقمية تسعة عناصر اتفقت عليها الجمعية الدولية للتكنولوجيا في التعليم ISTE، كما ذكرها (ريبيل،2012م) في كتابه المواطنة الرقمية في المدارس. وقد تم تحديد هذه العناصر حتى تساعد على فهم أفضل للموضوعات التي تشكل المواطنة الرقمية، وتوفر طريقة منظمة لتعليمها وتضمينها في المناهج بالشكل المناسب ليكون لدينا مواطنين رقميين بشكل كامل، وهذه العناصر هي على النحو التالي:

الوصول الرقمي: يقصد به تكافؤ الفرص لجميع الطلاب بما يخص الوصول التكنولوجي، حتى تكون التقنية متاحة للجميع ولتتوفر لهم الفرصة في الانخراط في مجتمع رقمي. وبما أننا نعد الطلاب لمستقبل تكنولوجي، فيجب أن يكون الوصول إلى التكنولوجيا في المدارس متاحا.

التجارة الرقمية: توعية الطلاب بالتجارة الرقمية والاستهلاك الذكي، و إطلاعهم على عدة قضايا قد تواجههم أثناء التسوق عبر الإنترنتمثل الاحتيال وسرقة الهوية أو المعلومات الشخصية وغيرها حتى يصبح الطلاب أكثر وعياً عند شراء أو بيع البضائع إلكترونياً وهذا بدوره يعدهم للتفاعل في الاقتصاد الرقمي.

الاتصال الرقمي: أصبح الاتصال الرقمي هو الوسيلة الجديدة التي يتفاعل بها الناس فيما بينهم سواء كانت من خلال البريد الإلكتروني أو الاتصال المرئي أو المراسلة الفورية أو مواقع التواصل الاجتماعيأو غيرها من وسائل الاتصال الرقمي. وعليه لابد من تحقيق الاتصال الاجتماعي الرقمي الملائم عند التواصل مع الآخرين وتوعية الطلاب بآداب السلوك والقواعد الواجب اتباعها.

الثقافة الرقمية: بالرغم من الجهود المبذولة في نشر التكنولوجيا بشكل عام، إلا أنه في أغلب الأحيان يكون التركيز عند التدريس على تعليم التكنولوجيا بحد ذاتها، وليس كيفية استخدامها بشكل ملائم. ومن أهم قضايا الثقافة الرقمية تعلم الأساسيات الرقمية، تقييم المصادر الإلكترونية ومدى دقة وصدق محتواها، وكذلك كشف وتطوير أنماط التعلم على الشبكة الإلكترونية والتعلم عن بعد.

قواعد السلوك الرقمي: قديماً كانت مسؤولية وضع القواعد الخاصة بالسلوك بشكل عام مسؤولية على عاتق الوالدين فقط، أما الآن ومع تزايد تطور التكنولوجيا لم يعد بإمكان الوالدين مواكبة كل ما هو جديد ومعرفة الملائم وغير الملائم من المحتوى الرقمي. وكتربويين يبرز دورنا في تناول قضايا السلوك الرقمي في المناهج والتأكيد على مبدأ الاحترام وتعريف الطلاب بأساسيات قواعد السلوك الرقمي.

القانون الرقمي: تم استحداث قانون رقمي يحمي المستخدمين الرقميين وهو موجود في المملكة العربية السعودية تحت مسمى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، وأي انتهاك لقوانين هذا النظام يترتب عليه عقوبات حقيقية. فيجب معالجة هذا الموضوع من خلال المدرسة وإيضاح العقوبات التي تترتب على بعض التصرفات غير المسؤولة من الطلاب مثل استخدام برامج القرصنة أو اختراق البرامج والأنظمة أو التحرش الجنسي أو سرقة الهوية وغيرها.

الحقوق والمسؤوليات الرقمية: بما أن هناك قانون رقمي يحمي المواطنين الرقميين فيجب التنبيه حول حقوق هؤلاء المواطنين مثل الخصوصية، حماية ملكيتهم الفكرية وغيرها من الحقوق. ومقابل هذه الحقوق توجد مسؤوليات. فحتى يحصل على حقوقه لابد أن يقوم بالمسؤوليات الواجبة عليه تجاه هذا المجتمع الرقمي وتتمثل في الاستخدام الأمثل والمسؤول للتكنولوجيا.

الصحة والرفاهية الرقمية: تكون بتوعية الطلاب بالمخاطر الجسدية التي يمكن أن تصاحب استخدامهم للتكنولوجيا مثل مشاكل في العينين أو الكتفين أو الظهر وغيرها من الأعراض التي قد تحصل نتيجة الاستخدام غير المسؤول والذي قد يتطور حتى يصبح إدمانا حقيقيا وقد تترتب عليه أيضا بعض المشاكل العقلية والنفسية. فيحتاج الطلاب إلى الجمع بين استخدام التكنولوجيا مع الحفاظ على صحة جيدة.

الأمن الرقمي: تتضمن تعليم الطلاب كيفية حماية بياناتهم الإلكترونية عن طريق استخدام برامج الحماية من الفيروسات، وأنظمة الحماية الرقميةـ وكذلك عدم تزويد بيانات شخصية لأي شخص على الشبكة الإلكترونية وهذا بدوره يحميهم من مشكلات سرقة الهوية، والاحتيال، والتحرش.

كيف نجعل الطلاب أكثر وعياً ومسؤولية عند استخدام التقنيات الرقمية؟

نؤكد بداية أن الهدف الرئيس من التعليم هو مساعدة الطلاب على الإعداد لمستقبلهم، لأن التكنولوجيا ستكون جزءاً من هذا المستقبل، وليس مجرد تزويدهم بالعلوم والمعارف الأساسية، لأن المعرفة موجودة في كل مكان و دورهم يكمن في الانتقاء الجيد لها في ظل هذا الزخم المعلوماتي. وبناءً على ما ذكر نحن بحاجة إلى متعلمين مسلحين بعقلية ناقدة وإبداعية تمكنهم من التعامل مع جميع أشكال التقنية الموجودة والتي ستظهر مستقبلاً. نريد إعداد مجتمع رقمي يتحلى بقيم المواطنة، وكل هذا يتحقق من خلال منظومة المنهج.

هل مناهجنا بالشكل الحالي تتضمن مفاهيم المواطنة الرقمية؟ وما هو دور تطوير المناهج تجاه المواطنة الرقمية؟

حتى نتمكن من الإجابة على الشق الأول من السؤال يجب أن نقوم بتشخيص الواقع وتحليل محتوى مناهج التعليم الحالية ونصدر أحكاماً واضحة، ثم نحدد الاحتياجات بناءً على أسس علمية وعليها نقوم ببناء مكونات المنهج في ضوء المواطنة الرقمية. أما بخصوص الشق الثاني من السؤال، فإن دور تطوير المناهج كبير في غرس القيم بشكل عام والمبادئ السليمة في نفوس المتعلمين وترسيخ الثوابت والأخلاق. و لا يتحقق هذا بمجرد إضافة مقرر دراسي أو موضوع ضمن أحد المقررات، بل بتضمين قيم المواطنة الرقمية داخل المنهج وجعلها إطاراً عاماً تقدم من خلاله المواقف التعليمية.
ومن أهم قيم المواطنة الرقمية: احترام المتعلم لنفسه وللآخرين، وكذلك حماية نفسه والآخرين من حوله، التعلم الذاتي و التواصل الجيد مع الآخرين. فحتى يحمي المتعلم نفسه والآخرين يجب أن يتعود على استخدام مهارات التفكير الناقد التي تحمي صاحبها من الانقياد الأعمى دون تدبر أو وعي، وأن يتدرب على تحليل المواقف و تقيمها تقيماً علمياً منطقياً، وأن يتمكن كذلك من مهارة الانتقاء الجيد بين البدائل، وأن يستوعب الحقوق والمسؤوليات الرقمية فمثلاً عندما يبتكر الطالب أو ينشر شيئا يقوم بحفظ الحقوق، وفي المقابل عند استخدامه لأي شيء منشور يجب أن يحفظ حقوق الآخرين وذلك بالتوثيق وذكر المصدر.

- مشكلات اليوم:

بالطبع هناك العديد من المشكلات التي تتعلق

بالتكنولوجيا والتي إذا طُبقت عليها قيم المواطنة

الرقمية لاختفت تماماً من حياتنا، ومنها الآتي:
– عدم استخدام التكنولوجيا في مسارها الصحيح.
– ارتباط استخدام التكنولوجيا بالعادات السلبية،

مثل استخدام المحمول أثناء السير.
– ظهور العديد من المشكلات الإلكترونية، مثل

الجرائم المعلوماتية والاختراق والقرصنة (الهكرز).
– مناقشات إلكترونية على شبكات التواصل

لا تمت للأخلاق المجتمعية بصلة.
– انخفاض مستوى الأمان الإلكتروني.
– تدني مهارات استخدام التكنولوجيا لدى الكثير

من المتعلمين ولدى بعض المعلمين.
– عدم وجود رغبة لدى البعض فى استخدام

التكنولوجيا في التعليم، واستخدامها للترفيه

الاجتماعي فقط.
– وجود كثير من الدعوات الهدامة والأخبار المضللة على الوسائل التكنولوجية.
– عدم وجود ثقافة عامة لاستخدام التكنولوجيا في الحياة.
– الإفراط في استخدام التكنولوجيا، مما يجعل البعض يصاب بأضرارها.

- إجراءات الحل:

لحل هذه الوضع(المشكلات السابق ذكرها)، يمكن الاعتماد على:
– وضع مقرر دراسي في إحدى المراحل الدراسية لدراسة محتوى المواطنة الرقمية.
– إمكانية دمج وحدة دراسية في كل مرحلة دراسية مع مقرر الحاسب الآلي.
– سعي وزارة التعليم لوضع خطة تربوية لتنمية المواطنة الرقمية تكون من إعداد المعلمين (دورات تدريبية، وورش عمل، توفير مقررات).
– دور الأسرة فى إرشاد وتوجيه الأبناء للاستخدام السوي للتكنولوجيا.
– حملات توعية في المجتمع من مراكز الشباب والمكتبات العامة ودور الثقافة.
– تفعيل دور المؤسسات الدينية والإعلامية فى تقديم نماذج جيدة للاستخدام السليم.

-تحديات المستقبل:

نجد أن العالم المتقدم ما كان ليتطور إلا باستخدام التكنولوجيا فى نطاقها الصحيح، فما يتوصل له العالم فى المجال التقني كل يوم يضع أمامنا نحن الدول النامية والمتأخرة والمستهلكة فقط للتكنولوجيا، تحديات كبيرة تخص كيفية الاستخدام المناسب والصحيح، فكل يوم تدخل التكنولوجيا إلى حياتنا أكثر فأكثر، مما يضع الكثير من العراقيل أيضا في طريق التوظيف الجيد للتقنية في حياتنا.

فمع دخولها القوي في الحياة اليومية ظهرت العديد من السلبيات والعادات السيئة، مثل استخدام المحمول أثناء السير، أو التحدث به أثناء اليوم الدراسي خلال الحصص والمحاضرات… لذا علينا مستقبلاً أن نضع قانونا منظماً لاستخدام التقنيات في حياتنا، وأن تكون هناك رقابة ذاتية على مدى توغل تلك التقنية في حياتنا اليومية، فبازدياد التكنولوجيا والتقنية يوما بعد يوم تكون التحديات المستقبلية أكثر صعوبة، ولكن مع المواطنة الرقمية سيصبح كل شيء على ما يرام.

وختاماً، فإن غرس قيم المواطنة الرقمية ليس بترف وإنما هو من الضروريات، بل الواجب تضمين هذه القيم في المنهج المستقبلي، لأننا وعند تطوير المنهج، علينا أن نراعي طبيعة العصر الذي نعيش فيه و نواكبه، وإلا فإن الفجوة ستكون كبيرة بين ما يدرسه الطلاب والواقع الذي يعيشونه. وهذا يتفق مع الأهداف العامة للتعليم وفق برنامج التحول الوطني 2020م ومحاور رؤية 2030م حيث كان من ضمنها تطوير المناهج وتعزيز القيم والمهارات للطلبة حتى يصبح الطالب واعيا وقويا ويمتلك المعارف والمهارات اللازمة للمستقبل مثل: التفكير الناقد، حل المشكلات، اتخاذ القرار، مهارات التواصل الاجتماعي، المسؤولية الفردية، ضبط النفس وغيرها.

((مواد اثرائية))
x368286.jpg.pagespeed.ic.IB8i22fOTo
ArticleLQ
CYFrpcOWAAALlf2
C1VY6yZXAAEdkb9
C8MIfAhWsAMOPf3
DCRLmquXUAAx60c
DCWcuEIXcAEmZcj

(سلسلة محاضرات عن المواطنة الرقمية في المدارس والمؤسسات التعليمية )

(د.محمد شلتوت)

- ما هي المواطنة الرقمية ؟.

- ما عناصر وأساسيات المواطنة الرقمية ؟. 

- لماذا يجب تدريس المواطنة الرقمية لطلاب ؟

- ما الذي يحتاجه أولياء الأمور لمعرفته عن المواطنة الرقمية .

- كيفية تنشئة الطفل رقميا .

مراجع :

كتب مطبوعة: -

-المواطنة الرقمية في المدارس، مايك ريبيل، ترجمه ونشره مكتب التربية العربي لدول الخليج

- تنشئة الطفل الرقمي.. دليل المواطنة الرقمية لأولياء الأمور، مايك ريبيل، ترجمه ونشره مكتب التربية العربي لدول الخليج

مراجع على الشبكة:

https://www.new-educ.com

- مقال المواطنة الرقمية.. الكتالوج المفقود، د. خالد الحليبي، موقع جريدة اليوم

- معايير التربية على المواطنة الرقمية وتطبيقاتها في المناهج التدريسية، أ.د. صبحي شعبان ود. محمد الدمرداش، ورقة عمل للمؤتمر السنوي السادس 2014

- المواطنة الرقمية: تصور مقترح لتصميم منهج للصف الأول ابتدائي، أمل العتيبي وأخريات، قسم تقنيات التعليم، جامعة الملك سعود

- المواطنة الرقمية والمناهج:فاطمة عطاف السالمي.

bottom of page